دكار : فعاليات الندوة العلمية الدولية المنعقدة في المعهد الإسلامي بدكار بحضور كوكبة كبيرة من العلماء والباحثين والمفكرين…

0
235

نظمت جامعة منيسوتا الإسلامية فرع السنغال والمعهد الإسلامي بدكار والاتحاد الإفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين والمجلس الإفريقي للترقيات بمالي وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر بالمغرب ندوة دولية في موضوع “اللغة العربية في السنغال: التحديات والرهانات الثقافية والمجتمعية“، بالمعهد الإسلامي بدكار يوم السبت 27 يوليوز 2024، وتقد حققت الندوة ناجحا علميا وإعلاميا كبيرين، وتميزت بمشاركة عدد من الباحثين من عدة دول افريقية، ضمت إلى جانب السنغال دول المغرب ونيجيريا ومالي والنيجر ومصر وليبيا وتونس وموريتانيا، وبحضور ضيوف يمثلون النخب السياسية والعلمية من عدد من الدول، وبالمشاركة الفعلية لعدد معتبر من الجامعات والمعاهد وبنيات البحث.

وتأتي هذه الندوة في سياق التحولات السياسية والثقافية والمجتمعية التي تعرفها بلداننا الافريقية، والتي تغدي الوعي بالهوية الافريقية المشتركة بأبعادها المركبة والمتنوعة والغنية، وفي سياق إرادة سياسية بتمكين هذه الثقافة الوطنية القومية من المكانة التي تستحقها، خاصة اللغة العربية وثقافتها التي تشكل مكونا أساسيا من مكونات الهوية الافريقية والسنغالية بشكل خاص، بالنظر لارتباطها بالإسلام وتجدرها في أعماق الوعي الهوياتي بشعوب المنطقة وأهميتها في الإرث الحضاري والمشترك الإنساني للسنغال بالعالم العربي والإسلامي، وهو ما يشكل باعثا على الاستثمار في هذا المشترك بالنظر لدوره في ماضي ومستقبل السنغال في امتدادات الافريقية والإسلامية.

لقد وجدت النخب العربية والمستعربة في هذا السياق ما يستوجب مواكبته تعليميا وسياسيا من خلال الاستثمار العلمي في اللغة والثقافة العربيتين في انفتاح وتعاون مع النخب والبنيات التي تشترك معنا نفس الأفق، يقينا منا بأن عمق هذا المشترك يستوجب العمل معا وفق رؤية مشتركة تعطي المعنى الحقيقي لمفهوم التعاون جنوب-جنوب وبعده الشمولي الذي يستوعب مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية، ويحقق النجاعة في بلورة سياسات تتيح الاستثمار في الثقافة باعتبارها رأسمالا رمزيا يساهم في تحقيق الثروة كما يحقق الاستقرار والأمن بمستوياته المختلفة، ويعزز الوعي بالانتماء الوطني والقاري والحضاري الإسلامي .

وعلميا شكلت الندوة العلمية مناسبة لمناقشة قضايا اللغة والثقافة العربية وسياقات انتشارها والجهات الفاعلة في سيرورة التعريب بالسنغال و مكانة اللغة العربية في تجسيد علاقات السنغال مع باقي البلدان العربية خاصة المغرب الذي يشكل تأسيسه لهذه المؤسسة الحاضنة لهذه التظاهرة والممثلة في المعهد الإسلامي بدكار أكبر تجسيد لهذه المجهودات في خدمة انتشار اللغة العربية والثقافة الاسلامية بالسنغال، وكذلك الشأن بالنسبة لباقي الدول التي تشترك مع السنغال في الثقافة العربية والإسلامية. كما قاربت الندوة قضايا اللغات الإفريقية والهوية وغيرها من القضايا الراهنية التي تشكل مشتركا بين مختلف دول القارة، والتي تحظى بالأولوية والراهنية في تناولها العلمي في سياق موسوم بارتفاع الطلب على قضايا الثقافة في الأوساط الافريقية. كما شكل الحدث مناسبة للتباحث في سبل تطور العمل المشترك بين النخب العربية والمستعربة في افريقيا بما يخدم تطور البحث العلمي في هذه الحقول المعرفية ويضع خبرة ومعرفة هذه النخب في خدمة القطاعات الحكومة والمؤسسات المشتغلة في مجال توثيق هذا الإرث وتطويره ومأسسة الاشتغال فيه.

وقد حققت هذه الندوة العلمية منذ الإعلان عن برنامجها تفاعلا كبيرا في أوساط الباحثين والمثقفين في السنغال وغيرها من الدول الافريقية، خاصة أنها جاءت في سياق مبادرات إيجابية أعلنتها الحكومة السنغالية تترجم تطلعها إلى العناية باللغة العربية والناطقين بها، وهو مسار يجعل من السنغال نموذجا داخل افريقيا جنوب الصحراء سواء في ما يتعلق بتجربة اللغة العربية الاستثنائية في هذا البلد، أو من ناحية تطور الوعي، لدى النخب المثقفة والسياسيين والمجتمع عموما، بمكانة هذا المكون من مكونات الهوية والثقافة السنغالية، وهي السياقات التي نعتبر أنها ضمنت نجاح هذه الندوة  التي عرفت تتبعا إعلاميا نوعيا، وشكلت فضاء للتفكير والنقاش العلمي الهادف حول قضايا راهنية ترتبط بواقع ومستقبل دول المنطقة. وانتهت بتوصيات مهمة من شأنها وضع أسس شراكة علمية فاعلة وهادفة بين المؤسسات الشريكة في تنظيم هذه التظاهرة وخلق أفق واعد للعمل المشترك خدمة لهذه الثقافة وحامليها، ودفاعا عن مقومات الشخصية الافريقية الغنية والمتأصلة، فجاءت أبرز هذه التوصيات على الشكل التالي:

• الإشادة بمبادرة الندوة الدولية والمنهج الذي حكم تنظيمها، والدعوة إلى الاشتغال على مبادرات نوعية ودورية في مختلف دول المنطقة، لوضع وسائل العمل المشترك بين المثقفين العرب والمستعربين في القارة.

• تحت إشراف السيد رئيس الجامعة، وفي حفل رسمي تم توقيع اتفاقية شراكة متعددة الأطراف تجمع خمسة عشرة مؤسسة جامعية ومعاهد ومراكز بحثية وعلمية/ جامعية عمومية وخاصة، تشتغل في مجال الدراسات الإفريقيةوقضايا القارة، في إطار خلق إطار للتعاون والشراكة بين المؤسسات الجامعية، وتطوير البحث العلمي المنتظم حول قضايا القارة. 

• دعوة الدول الإفريقية خاصة السنغال إلى تشجيع الثقافة العربية ببلدانها، عبر دسترة اللغة العربية باعتبارها لغة وطنية ومأسسة الاشتغال عليها، وتبني مبادرات تعزز حضور الثقافة العربية في الحياة العامة بدول المنطقة من مؤسسات تربوية ودعم حركة التأليف والنشر واحتضان الباحثين والطلبة المنحدرين من الجم وعات الناطقة بالعربية بالقارة،

• الدعوة إلى تعميق الشراكة بين الدول الإفريقية في المجالات الثقافية والعلمية لتغذية المشترك الحضاري والمجتمعي بين هذه الدول باعتباره أرضية خصبة لتيسير مختلف أشكال التعاون والاندماج الاقتصادي واستثمار تنامي الوعي المجتمعي الأفريقي بوحدة المصير والانتماء المشترك،

• الاتفاق على تقديم ورقة سياسية وعلمية قوية باسم المستعربين السنغال والأفارقة للجهات الحكومية في السنغال تقدم مقترحاتهم لبلورة استراتيجية سياسية/ ثقافية متكاملة تتناغم مع حاجيات المستعربين السنغال، وتجعل من التجربة السنغالية نموذجا يحتدى قاريا في تعاطيه مع الثقافة العربية وحاملي هذه الثقافة، كنموذج لمقومات الهوية الإفريقية الغنية والأصيلة.

• في إطار الحاجة لتوحيد مجهودات النخب العربية والمستعربة بالقارة نشيد بفكرة ورؤية تأسيس الاتحاد الإفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين بالمغرب، والإتفاق على تأسيس فرع السنغال لهذا الاتحاد العالِم، والذي يعنى باحتضان المستعربين وتنظيم التظاهرات العلمية وتقديم الاستشارة للمؤسسات الحكومية والقطاعية في الدول الإفريقية وتنسيق أعمال ومجهودات النخب المثقفة بالقارة في شراكة مع المؤسسات العلمية والجامعية والمدنية المختلفة.

وختاما يشكر الحاضرون مختلف السلطات السنغالية والمؤسسات العلمية المستضيفة لهذه التظاهرة العلمية النوعية والناجحة.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici